Tuesday, September 8, 2015

محاصيل وأغذية معدلة وراثيا... نستهلكها رغم الشكوك التي تثار حولها


خاص بآفاق البيئة والتنمية: نأكلها ولا ندري انها معدلة وراثيا.. ولو علمنا قد نرفض تناولها، لكنا نفضل شراءها دون ان ندري ماهيتها.. هذا ليس لغزاً انما هي طريقتنا في التعامل مع النباتات والمنتجات الزراعية المعدلة وراثياً كما وصفها رياض الفارس، خبير الزراعة والبيطرة في رام الله.

يرمز للبذور المعدلة وراثيا بـ (GMO) وهي نباتات تم تعديل الحمض النووي فيها الـ DNA باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية من خلال ادخال جين او اكثر من صنف إلى آخر قد لا يمت إليه بقرابة، وذلك بهدف تعديل أو إضافة صفة وراثية لم تكن لديه سابقاً. وتتضمن أمثلة على تلك الصفات: نباتٌ مقاوم لآفاتٍ بعينها، أمراضٌ محددة أو حتى ظروف بيئية، أو إنتاجُ عوامل دوائية أو مغذية معينة او انتاجية عالية.

وفي انباء حديثة تناولتها وكالات دولية تفيد بنية الحكومة الاسكتلندية حظر زراعة المحاصيل المعدلة وراثيا في أراضيها لحماية محاصيلها "النظيفة الصديقة للبيئة" لأنه ليس هناك ما يشير الى ان المستهلك الاسكتلندي يريد هذا النوع من المنتجات.

وتزرع المحاصيل المعدلة وراثيا على نطاق واسع في الأمريكتين وآسيا لكن الاراء انقسمت حولها في اوروبا، حيث تقول بعض الجماعات المدافعة عن البيئة انها قلقة من تأثيرها البيئي كما شككت فيما اذا كانت صحية للإنسان. اما المنتجون فيقولون أن الابحاث تثبت ان هذه المحاصيل آمنة حسب النبأ ذاته.

هل هي آمنة
"لا يوجد دليل على ان النباتات المعدلة وراثيا (Genetically modified plants) لها تأثير سلبي، لكن هذا لا يعني انها آمنة الاستخدام، فهناك احتمال لوجود تأثير طويل المدى، حيث انه يعزى لها ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية حسب عمر الدمج" المهندس الزراعي في جمعية المهندسين الزراعيين العرب.

وفي العموم، يخشى من أن تؤدي الجينات المعدّلة بعد استهلاكها إلى إفراز مواد سامة أو مواد تسبب حساسية لدى الانسان. مثلاً فإن استهلاك نبات يحتوي على جين مقاوم للبكتيريا يمكن أن يؤدي إلى انتقال هذا الجين إلى بكتيريا الجهاز الهضمي، ما ينتج عنه مقاومة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية واستفحال قضية معالجتها كما اوضح الدمج.

"بالنسبة للآثار الجانبية لاستخدام النباتات المعدلة وراثيا فنحن لا نأكل أي شيء غير معدل وراثيا، نحن نستهلكها ونحن لا نعرف ذلك، يجب ان يتم وضع طابع على النباتات المعدلة وراثيا، على مستوى العالم هناك اصناف يتم رفض استلامها مثلا بحسب درجة التحسين فيها، نحن ليس لدينا رقابة على الحدود لفحص النباتات المعدلة وراثيا ومعرفة نسبة التعديل او التحسين الوراثي، ولا نعرف تفاصيل، فسوقنا مفتوح ويدخل كل المنتجات دون رقابة وهذه مشكلة حسبما افادت د. هبة الفارس، المتخصصة في الوراثة الكمية والتقنيات الحيوية في جامعة النجاح الوطنية".

فوائدها..
هناك من يرى أن من اهم الفوائد لها، انها تساهم في زيادة في الانتاج والحصول على نباتات مقاومة للآفات الخ، إلا ان الآثار السلبية التي قد تظهر لاحقا، ربما تؤدي الى نتائج عكسية على الصحة والبيئة.

د. عزيز البرغوثي، من المركز الوطني للبحوث الزراعية في وزارة الزراعة، يوضح من جهته ان معظم النباتات المنتجة والمحورة هي لمقاومة الافات او مقاومة المبيدات العشبية، و"ليس هناك الان على حسب معرفته نبات محوّر بهدف زيادة الانتاجية او تحسين القيمة الغذائية، بل بالعكس بعض المؤشرات تدل على انخفاض انتاجية النباتات المحوّرة."

ويتابع البرغوثي "زراعة نباتات محوّرة مقاومة لمبيدات الاعشاب او الافات قد يؤدي في النهاية الى ظهور العشب او الافة السوبر التي لا تستطيع تلك النباتات المحورة التغلب عليها، وبالتالي سيكون هناك حاجة للعودة الى استخدام مبيدات ذات تأثير اقوى مرة اخرى وذات اثر بيئي اكثر ضرراً."

ومن الآثار البيئية الايجابية لها حسب البرغوثي، امكانية زراعتها في مناطق يصعب زراعة المحاصيل الطبيعية فيها، وهو الأثر الأهم.

الحل لعدم خسارتها
هناك اهمية كبيرة للحفاظ على النباتات والبذور البلدية، تقول الفارس "لدينا ثروة من الاصناف البلدية، فإذا زرع المزارع الاصناف المعدلة والوراثية ولم يحتفظ بالبذور الاصلية ويزرعها سيتم فقدها، يجب ان أكون حكيما في استخدامي للنباتات المعدلة وراثيا، كما يجب ان احتفظ بالأصول الوراثية كما اوضحت الفارس.

وتتابع الفارس "على مستوى العالم هناك مؤسسة اسمها ايكاردا، هذه المؤسسة تقوم بتخزين الاصناف الفلسطينية وغيرها، على المستوى المحلي لا يوجد بنك جينات، من جديد هناك عمل على انتاج نواة لعمل بنك وراثي لتخزين الاصناف على مدة زمنية قصيرة او طويلة، ويتم عمل فحوصات دورية للحفاظ على حيويتها، بهذه الطريقة نحافظ على الأصول، بهذه الطريقة ازيد انتاجيتي وأحسن أصنافي، وبنفس الوقت يكون لدي قدرة على فحص الاصناف قبل توزيعها وطرحها في السوق، نسبة التعديل الوراثي وآثاره الجانبية وغيره من التفاصيل يجب ان أعرفها".

وتضيف الفارس "في وزارة الزراعة هناك مركز، في جامعة النجاح نعمل على اقامة آخر لمساعدة المزارعين والتوجه نحو الحفاظ على الامن الغذائي."

فلسطينيا .. اين نحن؟
في فلسطين موروث حيوي علينا الحفاظ عليه، دعوة وجهها الدمج لرؤيته ان النباتات المتوفرة في فلسطين متأصلة بها منذ قديم الزمن وتعتبر فلسطين من اكثر المناطق في العالم بها مخزون تنوع حيوي، والتوجه الى مثل هذه الزراعات (النباتات المعدلة وراثيا) قد تؤدي الى فقدان هذا الموروث بالإضافة الى البقاء تحت سيطرة ورحمة الشركات الضخمة الي تنتج مثل هذه النباتات وبالتالي نفقد التاريخ والحضارة والنباتات الأصيلة، مع العلم بأن النباتات البلدية احد مقومات البقاء والصمود.

وحسب معلومات زودنا بها د. البرغوثي فقد بلغت المساحة المزروعة بالنباتات المعدلة وراثيا لعام 2013 على مستوى العالم حوالي 174 مليون هكتار يقوم بزراعتها 18 مليون مزارع بزيادة 5 مليون هكتار عن 2012. نسب المساحات على مستوى العالم لعام 2013 المزروعة ببعض أنواع النباتات المعدلة وراثيا هي: فول الصويا 79%، الذرة 32%، القطن 70%، والخردل 24%.

هبة الفارس ترى من جهتها ان هناك حاجة ماسة لإنشاء مختبر متكامل لفحص النباتات قبل توزيعها على المزارعين او تقديمها، تقول "لدينا مصادر وراثية وهناك تنوع كبير، هناك اصناف فيها جينات عالية لها اهمية كبيرة يمكن الاستفادة منها واستخدامها لتحسين نباتات ليس فيها هذه الجينات، هناك اعشاب قريبة من بعضها يمكن الاستفادة منها بنقل الجينات لنباتات تتحمل الظروف القاسية والملوحة وغيره، وبالتالي نساعد المزارعين في التغلب على الظروف الجوية وإنتاج اصناف أفضل، وبالتالي نساهم في تأمين أمن غذائي أفضل."

No comments:

Post a Comment